Press ← and → on your keyboard to move between
letters
استيقظتُ في عزّ الليل، تماماً عند الساعة 2:29، كأنّ صمت الغرفة كان ينادي اسمي. نظرتُ نحو الزاوية، حيث المدفأة الكهربائية ما زالت تبثّ نورها الأحمر ذلك الضوء الذي يشبه دفء الدم، وحرقة الجوع، ورعشة الوحدة. غريبٌ يا علي، كيف استيقظتُ على صدى صوتك في رأسي؟ صوتك الذي صار مثل ذكرى بعيدة، أسمعها ولا أسمعها، أتذكّرها ولا أتذكّرها. لكن، كيف يستطيع إنسان أن يُدمّر إنساناً بهذا الشكل؟ أيّ قوةٍ هذه التي لا تحتاج لعنف، ولا لضرب، ولا لكلماتٍ ثقيلة؟ أفعالٌ صامتة، وقليلٌ من التجاهل، كافيان ليهدماني من الداخل. وأعلم يا علي، أعلم أنك تفكر بي الآن. تتساءل عني، عن غيابي الطويل الذي يثقل رأسك. وتشتاق للمسةٍ منّي كنتَ تراها بسيطة لكنها كانت تروي جوعك. لكن دعني أخبرك شيئاً: لقد أخذتَ كلّ شيء. أخذتَ ما تحتاجه وتركتَني فارغة. فلماذا تُصرّ على التفكير بي الآن؟ كفى يا علي. كفى أكاذيب وتناقضات. كفى أن تتركني عالقة بين وجوهك المتعددة، أبحث عنك في كل واحدة منها، ولا أجد إلا ظلّي المكسور. كفى أن تهدّمني بصمتك الذي يشبه الطعن، وبنظراتك التي تجعلني أرخصُ من نفسي. لقد تعبت. لم أعد أنا. صرتُ فارغة مثل الأجساد التي كنتُ أهرب منها، والتي حاربتُ كيلا أصبح مثلها، لكنني صرتُها في النهاية. الوجع الذي زرعته في داخلي يا علي، غيرني. جعلني أشعر أنني أقلّ مما أستحق. لكن صدّقني، سيأتي يومٌ يا علي. سيأتي يومٌ تشعر فيه بكلّ ما جعلتني أشعر به. ستُباع كما بعتَني. ستُرخص كما أرخصتَني. لأنّ هذا أنت.
Sign in to FutureMe
or use your email address
Create an account
or use your email address
FutureMe uses cookies.
Learn how we use cookies to improve your experience by reviewing our Terms of Service
Share this FutureMe letter
Copy the link to your clipboard:
Or share directly via social media:
Why is this inappropriate?