Press ← and → on your keyboard to move between
letters
Dear FutureMe,
مرحبا يا عزيزتي
لعلها المرة الأولى، التي لم أكتب بها لكِ فقط، لست أدري لمن أكتبها ايضا، لستُ بفتاة وحيدة، و لكنني أختنق بكلماتي عندما أرغب بالحديث مع عائلتي أو اصدقائي، و لهذا آمل أن يقرأ أحدهم هذه الرسالة، أن يستمع أحدهم أخيرا.
يبدو أن حلمك بعيش المغامرات قد تحقق ، و شغفك بالأفلام حوّل حياتك لفيلم من بطولتك، لعلها المرة الرابعة التي يقترب فيها الموت منك هذا العام، فقد استيقظتي لمرتين أو ثلاث على قذائف تغزو سماء بلادك، و أحداهم كانت قريبة فسقطت في نفس مدينتك! و غزا العالم فيروسٌ جديد، متعطش للدماء يحصد الارواح بكثرة، و ليزداد الفيلم حماساً، فقد غزاها و انتِ في احضان بلدك الأم، بلد لا يرحم و لا يشفق، يحب العيش في الخفاء و لا يصرح ابدا بالحقائق، فبينما البلاد تعج بالمرضى و جثث الموتى، يصر هو على أن عدد الاصابات في بلادنا لا يتجاوز الاربعين، و يعيد افتتاح الاسواق و يستأنف الدراسة، و ها أنت ذا عائدة بعد اسبوع إلى جامعتك، لتخرجي كل يوم مخاطرة بالتقاط فيروسٍ سيذيقك الويل.
و لكنها هذه المرة كانت اكثرهم قرباً، و اكثرهم سخفاً، أُغلق باب الحمام عليكِ أثناء استحمامك و رفض أن يُفتح، و اذا كنت قد كرهت العيش وحدي يوماً فقد كان اليوم، لرحمة الله بك كنت قد أدخلتي هاتفك معك ، و لرحمته بك تقطنين في ذات البناء مع خالتك، حيث هبّ ابنها علي للمساعدة، و لسخرية الموقف فقد كسر بابين للوصول اليك، تماما كما الافلام!
بدا الأمر مضحكا و مخجلا للغاية في البداية، أن يكسر باب الحمام عليكِ بينما أنتِ بمنشفتك، و بعد برهة اكتسا الرعب قلبي، ماذا لو لم ادخل هاتفي؟ اكنت سأموت؟ كم كان سيستغرق اهلي و اصدقائي ليدركوا غيابي؟ غزاني الندم لكل مرة لم اجب فيها فورا على رسائلهم، و كل اتصال تجاهلته ، أحسست بمدى سوئي، و بمدى رعبي، أيكرهني الله؟ أكان هذا عقاباً منه؟
يجول هذا الأمر في بالي منذ عدة أيام، أفكر بمدى سوئي، بمدى كسلي عن الحياة، و جبني عن الموت، بمدى غبائي حيث أني لم أُدرك الدنيا و لا أسعى للآخرة، اتسائل حقا عن سبب عيشي، أكره كلُيتي، و أخاف من الخوض في العالم و العمل، و أمقت الزواج و حروبه، لا أجيد شيئا، لم أحقق أياً منهم، لا كنت امرأة عربية تسعى للزواج، و لا نسوية تسعى لتحقيق الذات، و لا متدينة تلتزم تعاليم ربها، لا أجيد أيا من تلك الشخصيات و لا أدرك لمَ أعيش؟ يقتلني خوفي من المستقبل و يرعبني الموت، أتمنى لو أنني لم أوجد ابدا، و لو انني كنتُ نسياً منسيا.
أمل أن تكوني ما زلتي على قيد الحياة عند استلام رسالتي، فلا يهم كم أكره العيش إلا أن جبني من الموت سينتصر دوماً.
Sign in to FutureMe
or use your email address
Create an account
or use your email address
FutureMe uses cookies.
Learn how we use cookies to improve your experience by reviewing our Terms of Service
Share this FutureMe letter
Copy the link to your clipboard:
Or share directly via social media:
Why is this inappropriate?